الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على
أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد
وعلى أله وصحبه أجمعين .........أما بعد
...بالقران نحيا....
القرآن الكريم كتاب الإسلام الخالد، ومعجزته الكبرى، وهداية للناس أجمعين، قال تعالى: { الر كتاب أنزلناه إليك لتخرج الناس من الظلمات إلى النور }
(إبراهيم:1)
من قال به صدق، ومن عمل به أُجر، ومن دعا إليه هُدي إلى صراط مستقيم. فيه تقويم للسلوك، وتنظيم للحياة، من استمسك به فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها، ومن أعرض عنه وطلب الهدى في غيره فقد ضل ضلالاً بعيداً .
وتلاوة كتاب الله من أفضل العبادات التي يتقرب بها العبد إلى ربه، قال تعالى: { إن الذين يتلون كتاب الله وأقاموا الصلاة وأنفقوا مما رزقناهم سرا وعلانية يرجون تجارة لن تبور}
(فاطر:29)
وفي الحديث الصحيح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال:
( وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده )
رواه مسلم .
والقرآن مأدبة الله لعباده، ورحمة منه للناس أجمعين، وقد صح عند الترمذي من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( من قرأ حرفاً من كتاب الله فله به حسنة، والحسنة بعشر أمثالها، لا أقول: "ألم" حرف، ولكن "ألف" حرف، و"لام" حرف، و"ميم" حرف ) .
وقد حثَّ النبي صلى الله عليه وسلم على قراءة القرآن ورغب فيها، فقال: ( تعلموا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شافعاً لأصحابه، وعليكم بالزهراوين البقرة وآل عمران، فإنهما تأتيان يوم القيامة كأنهما غمامتان أو كأنهما غيايتان أو فرقان من طير، تحاجَّان عن أصحابهما، وعليكم بسورة البقرة، فإن أخذها بركة، وتركها حسرة، ولا يستطيعها البطلة )
رواه مسلم .
وبشَّر صلى الله عليه وسلم قارئ القرآن بأنه مع السفرة الكرام البررة فقال: ( الماهر بالقرآن مع السفرة الكرام البررة، والذي يقرأ القرآن ويتعتع فيه وهو عليه شاق له أجران )
متفق عليه.
وفي حديث آخر عنه صلى الله عليه وسلم قال: ( يُقال لقارئ القرآن: اقرأ وارقَ، فإن منزلتك عند آخر آية تقرؤها )
رواه أبو داود و الترمذي ، وقال: حديث حسن صحيح .
وكان من وصيته صلى الله عليه وسلم لأمته عامة ولِحَفَظَة كتابه خاصة تعاهد القرآن بشكل دائم ومستمر، فقال : ( تعاهدوا هذا القرآن، فوالذي نفسي بيده لهو أشد تفلُّتاً من الإبل في عقلها )
رواه مسلم .
ولو تأملتوا في قوله صلى الله عليه وسلم: ( تعاهدوا هذا القرآن ) لأدركت عِظَمَ هذه الوصية، ولعلمتَ أهمية المحافظة على تلاوة كتاب الله ومراجعته، والعمل بما فيه، لتكون من سعداء الدنيا والآخرة .
وقد جاء في السنة استحباب ختم القرآن في كل شهر، إلا أن يجد المسلم من نفسه نشاطاً فليختم كل أسبوع، والأفضل أن لا ينقص عن هذه المدة، كي تكون قراءته عن تدبر وتفكر، وكيلا يُحمِّل النفس من المشقة مالا تحتمل، ففي الحديث الصحيح عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم:
( اقرأ القرآن في شهر، قلت: أجدُ قوة، حتى قال: فاقرأه في سبع، ولا تزد على ذلك )
ثم قال عمرو بعد أن أدركه الكِبَرَ: ( فليتني قبلتُ رخصة رسول الله ) .
وقد صح عنه صلى الله عليه وسلم، قوله: ( يا أيها الناس عليكم من الأعمال ما تطيقون فإن الله لا يمل حتى تملوا، وإن أحب الأعمال إلى الله ما دُووم عليه وإن قَلَّ، وكان آل محمد صلى الله عليه وسلم إذا عملوا عملاً أثبتوه )
رواه مسلم .
ومعنى "أثبتوه" كما قال النووي : أي لازموه، وداوموا عليه .
فتنبه لذلك ولا نكون من الذين يهجرون كتاب الله، ولا يذكرونه إلا في مواسم معينة، ولتحرص كل الحرص وأنت تتلو كتاب الله أن تستحضر نية الإخلاص لله سبحانه، وأن تكون على حالة من الخشوع والوقار، لأنك تتلو كتاب رب العالمين. وقد كان من وصية بعض أهل العلم لولده قوله له: ‘‘‘ اقرأ القرآن وكأنه عليك أنزل ‘‘‘ .
فضل تلاوة القرآن الكريم
عن أبي أمامة رضي الله عنه قال : سمعت رسول صلى الله عليه وسلم يقول : ( اقرؤوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعاً لأصحابه )
رواه مسلم.
وعن أبي موسى الأشعري رضى الله عنه قال : قال رسول صلى الله عليه وسلم : (مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن مثل الأترجةريحهاطيب وطعمهاطيب ،ومثل المؤمن الذي لايقرأ القرآن كمثل التمرة لاريح لها وطعمهاحلو ،ومثل المنافق الذي يقرأ القرآن كمثل الريحانة ريحها طيب وطعمها مر ،ومثل المنافق الذي لايقرأ القرآن كمثل الحنظلة ليس لها ريح وطعمها مر )
متفق عليه.
وعن ابن عباس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إن الذي ليس في جوفه شئ من القرآن كالبيت الخرب)
رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح.
وقال صلى الله عليه وسلم : ( من استمع إلى آية من كتاب الله كتبت له حسنة مضاعفة ومن تلاها كانت له نوراً يوم القيامة)
رواه أحمد.
وقال صلى الله عليه وسلم : ( عليك بتلاوة القرآن فإنه نور لك في الأرض وذكر لك في السماء )
رواه ابن عباس.
وتعلم القرآن إنما هو العلم بقراءاته ولو بقراءة واحدة والعلم بناسخه ومنسوخه ومحكمه ومتشابهه ومقيده ومطلقه وعامه وخاصه والعمل به وجعله نبراسًا وهاديًا للحق وإمامًا للمسلمين.
ثواب قارئ القرآن
أما عن الثواب الذي يناله قارئ القرآن فعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من قرأ حرفاً من كتاب الله تعالى فله به حسنة والحسنة بعشر أمثالها ، لا أقول ألم حرف ولكن ألف حرف ولام حرف وميم حرف )
رواه الترمذي
فهذا الحديث الشريف يبين فضل وعظمة هذا القرآن العظيم ويبين أيضاً الجزاء الأوفى والأجر العظيم الذي يناله قارئ القرآن الكريم فبمجرد القراءة يأخذ الإنسان هذا الأجر فما بالنا بمن قرأ وأحسن وجود القرآن وعمل بما فيه فإن الله تعالى يعظم له الأجر كما قال تعالى : {من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها.}
فضل معلم القرآن ومتعلمه
وعن إبراهيم النخعي قال " معلم الصبيان تستغفر له الملائكة في السماوات والدواب في الأرض والطيور في الهواء والحيتان في البحار ".
ولننظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقول لمعاذ رضي الله عنه : ( يا معاذ إن أردت عيش السعداء وميتة الشهداء والنجاة يوم الحشر والأمن من الخوف والنور يوم الظلمات والظل يوم الحرور والري يوم العطش والوزن يوم الخسفة والهدى يوم الضلال فادرس القرآن فإنه ذكر الرحمن وحرز من الشيطان ورجحان في الميزان )
أخرجه الديلمي.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي هريرة : ( يا أبا هريرة تعلم القرآن وعلمه الناس ولا تزال كذلك حتى يأتيك الموت فإنه إن أتاك الموت وأنت كذلك حجت الملائكة إلى قبرك كما تحج المؤمنون إلى بيت الله الحرام )
أخرجه الترمذي والنسائي وابن ماجة.
آيات في فضائل القرآن
قال تعالى :{وهذا كتاب أنزلناه مبارك }.
الأنعام.92
وقال تعالى { إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم }.
الإسراء:9
وقال تعالى { لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه }.
الإسراء:1
وقال تعالى : { تبارك الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرا }.
الفرقان:1
وقال تعالى : { قد جاءكم برهان من ربكم وأنزلنا إليكم نورًا مبيناً }.
النساء:174
وقال تعالى : {يا أيها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم وشفاء لما في الصدور وهدى ورحمة للمؤمنين }..
يونس:57
وقال تعالى : {طس تلك آيات القرآن وكتاب مبين هدى وبشرى للمؤمنين }.
النمل:1
وقال تعالى : {شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان }..
البقرة:185
وقال تعالى : { إن الذين يتلون كتاب الله وأقاموا الصلاة وأنفقوا مما رزقناهم سرًا وعلانية يرجون تجارة لن تبور ليوفيهم أجورهم ويزيدهم من فضله إنه غفور شكور }.
فاطر:29
وأهل القرآن المتمسكون به هم الصالحون المصلحون كما يقول تعالى : { والذين يمسكون بالكتاب وأقاموا الصلاة إنا لا نضيع أجر المصلحين }.
الأعراف:170
والقرآن الكريم هو الذي هَدَى الله به نبينا محمدًا صلى الله عليه وسلم ،قال تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم : { قل إن ضللت فإنما أضل على نفسي وإن اهتديت فبما يوحي إلي ربي إن ربي سميع قريب }
سبأ:50
ولقد أنزل الله عز وجل هذا القرآن على نبيه صلى الله عليه وسلم ليكون نورًا وهداية للناس وليخرجهم الله عز وجل به من ظلمات الشرك والجهل إلى نور التوحيد وعبادة الله رب العالمين قال تعالى : { أومن كان ميتاً فأحييناه وجعلنا له نورًا يمشي به في الناس كمن مثله في الظلمات ليس بخارج منها }.
الأنعام:122
وقد تواترت الآيات والأحاديث الدالة على فضل تلاوة القرآن الكريم،منها
قوله تعالى: { إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ الله وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ وَأَنفَقُواْ مِمَّا رَزَقْنّاهُمْ سِرّاً وَعَلانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَّن تَبُورَ(29) لِيُوَفّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُم مِّن فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ(30) }
سورة فاطر
وقوله تعالى: { الَّذِينَءَاتَيْنَاهُمُ الكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاوَتِه أُوْلئكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ(121) }
سورة البقرة
بل قد أمر الله بتلاوته فقال : { فَاقْرَءُواْ مَاتَيَسَّرَ مِنَ القُرءَانِ(20) }
سورة المزمل
ومن الأحاديث ما أخبر بها النبي صلى الله عليه وسلم عن عظم ثواب من قرأ القرآن فقال صلى الله عليه وسلم : (من قرأ حرفاً من كتاب الله فله به حسنة والحسنة بعشر أمثالها، لا أقول (الم)حرف ولكن ألف حرف ولام حرف وميم حرف)
ثم بين صلى الله عليه وسلم أن من تعلمتلاوة القرآن الكريم فبلغ الغاية في تجويده وحسن قراءته فهو في مرتبة الملائكةالمقربين، فقال صلى الله عليه وسلم : ( من قرأ القرآن وهو ماهر به مع السفرةالكرام البررة ، والذي يقرأ القرآن ويتعتع فيه وهوعليه شاق له أجران)
رواه الشيخان
وقد حث النبي صلى الله عليه وسلم على قراءته فقال: ( اقرءوا القرآنفإنه يأتي يوم القيامة شفيعا لأصحابه)
رواه مسلم
ثم إن المؤمن الذي يحافظعلى تلاوة القرآن يكون طيب الظاهر والباطن، قال
صلى الله عليه وسلم: ( مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن مثل الأترجّة: ريحها طيب وطعمها طيب ، ومثل المؤمن الذي لا يقرأ القرآن مثل التمرة: لا ريح لها وطعمهاحلو، ومثل المنافق الذي يقرأ القرآن مثل الريحانة : ريحها طيب وطعمها مر، ومثل المنافق الذي لا يقرأ القرآن مثل الحنظلة : لا ريح لها وطعمها مر )
رواه الشيخان
وعن عبد الله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (يقال لقارئ القرآن
اقرأ واتق ورتل فإن منزلتك عند آخر آية تقرؤها)
وعن معاذ بن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( من قرأ القرآن وعمل بما فيه ألبس والديه تاجا يوم القيامة ضوءه أحسن من ضوء الشمس في بيوت الدنيا، فما ظنكم بالذي عمل بهذا )
ويستحب الاجتماع على تلاوة القرآنالكريم وتعلمه ومدارسته، ويستحب أن يكون ذلك في المسجد لحديث النبي صلى الله عليه وسلم: ( مااجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتب الله ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة وحفتهم الملائكة وذكرهم الله فيمن عنده )
وقال النبي صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه: ( قال الله تعالى : من شغله القرآن وذكري عن مسألتي أعطيته أفضل ما أعطي السائلين، وفضل كلام الله على سائر الكلام كفضل الله على خلقه )