اليوم سيدتي كما تعرفين سأحزم متاعي تأهبا
للعودة إلي ترحالي ذاك الذي لم يهزمني يوماولم
ينتهك متعمدا نبضات قلبي ولم يقتل يوما في
داخلي مشاعري لإحتضان ما أمكنني من بلاد
الله الواسعة ... اليوم يا رفيقتي أخرجت وثيقة
سفري المتورمة من أختام هؤلاء الرجال الذين
لا يُجيدون في العادة طريق الإبتسام إلا نادرا ..
ربما لكثرة ما مر عليهم من التائهين مثلي ومن
المنهكين دوما من متاعب السفر عبر السماء
والأرض والبحار كأنا يا سيدتي ..أنا الذي ما
كان بإمكاني وأحيانا حتي ليس بإمكاني مكانا
إلا وصلتُ إليه حتي لم أعرف لي يوما عنوانا
ثابتا كبقية البشر .. ويوم التقينا هنا يا رائعتي
بدا لي أنني قد يكون هذا أفضل لي لأني سأكون
في وطني وبجوار قمري هذا الذي اهتزت له كل
المشاعر وخفق القلب بعشقه حتي صار الحلم
والميناء وقد تخيلته منفاي الأخير هنا سيدتي
واطمأنت تلك الأحاسيس بهيجان عشقكِ ذاك الذي
اجتاحني من كل اتجاهات الدنيا وصار حبنا كما
نحلم به يتوهج كل يوم وتتفتح براعمه ويكبر
أمام أعيننا ونسقيه من أعماقنا حتي يرتوي
جميلةٌ أنتِ وتمتلكين قدرةً ليست لغيركِ علي
الغرام تتفردين بها وفيكِ ومعكِ أشعر بالدفئ
وبالسعادة كلها ... فماذا جري يا سيدة أيامي
التي مضت وكنت أرغبكِ حتي في القادم منها
ماذا جعلكِ تبدين اليوم بوجه آخر وبلون آخر؟
لا يمكنني أن أتصور أن عاقلةً يمكنها أن تبدد
بيديها فنجان سعادتها وتشطب تاريخ مولد
عشقها الحقيقي من ذاكرتها ...
أنا يا سيدتي لن استجدي حبا ليس لي بعد الآن
ولا يمكنني منح فرصة أخيرة كما تلميذ مدرسة
رسب في امتحانه لسبب أو لآخر ... لا يا أيتها
السيدة التي تبعد منذ اليوم عن قلبي رويدا رويدا
حتي تختفي وراء سحب الذكريات أوتصير كما
أرادت سرابا في حياتي بعد اليوم ...
ليس لدي عنوان ثابت بعد اليوم كما كنت قبل الآن
ولن يسعني البقاء حيث الحلم الذي انتحر اليوم علي
يديكِ تلك التي طالما قبلتها وعبثت بشعري والتفت
علي خاصرتي ...
سيدتي كان النسيان هبةً من الخالق لخلقه جميعهم
سآخذ منه اليوم وبعد اليوم حصتي ولن ألتفت منذ
الساعة إلي الوراء لأري حتي مجرد طيفكِ هناك ...