السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بسم الله الرحمن الرحيم
رافقتني منذ نعومة أظفاري و مع أول خطوات حياتي , حينما كنت أتابع أمي وهي تصلي وأقلد حركاتها قياماً وقعوداً وركوعاً وسجوداً
, و أفراد أسرتي يصفقون لي ويستبشرون خيراً في فعلتي..
بلغت سن الخامسة ولي سجادةٌ صغيرة وغطاء رأس أبيض , ألبسها تارة وألفها تارة وأقلد من يصلي من الكبار بمتابعة دقيقة
و لا يفوتني أن أسمع كلمات الثناء , أو الصور تلتقط لي وأنا أمثل الصلاة...
زاد عمري عامين , فتغيرت لغة المخاطبة , و أصبحوا يحثوني على الرفيقة حثاً ,
حتى أنهم يأمروني أن أقطع لعبي أو متعتي التي أقضيها لأصلي..
وعندما وصلت العاشرة , أصبح الحث أمراً يتبعه تهديدٌ ووعيد ومتابعة جادة مِنْ مَنْ يريدونني على الطريق المستقيم ,
فأصبح النوم يقطع من لذته لألبي المنادي , وليالي الشتاء الباردة لم تكن سبباً في تركي للطهر والوضوء..
وفي طوري للنضج الأنثوي , كان أحرص ما تحرص عليه أمي ومعلماتي هو صلاتي , فبعد كل آذان يعقبه نداء أمي التذكيري
بالصلاة ,
وفي المدرسة لا تتوانى المشرفات والمعلمات من البحث عنا و إخراجنا من مخابئنا لنصلي صلاة الظهر ...
مر الحين و الزمن...و انتهى النداء والتذكير منهم...لِيحل محله هاتف داخلي , هاتف لا راد له ,
يستجيب لنداء الآذان ويحثني أن اتركي ما لديك وهلمي إلى الملتقى..إلى الرفيقة...تلك التي عرفتها منذ بدء حياتي ,
وألتقيها في كل يوم خمس مرات لزاماً ويزيد..
تستجيب نفسي لهذا الهاتف وتصبوا للصلاة..
أصلي..
نعم أصلي...و كلنا يصلي
ولكنـ...رفيقتي تشتكي تقصيري
وتسائلني...
أين شوقك لي؟
أين راحتك بي؟
أين خشوعك معي؟أجيبها : حيرتني يا رفيقة , فما أصعب ما سألتِ عنه , نفسي عويصة وحالي عجيب!
قالت لي : ما شأنك؟
قلت لها : أتصدقين...أرفع يداي مكبره والخشوع أمام عيناي فهو رغبتي , وقد أخشع في اللحظات الأولى ,
ثم ما ألبث أن تنصب الدنيا صباً أمام عيناي..فكأن من فتح في رأسي فجوة..وملأها بكل شاغل ومشغل ,
فإني لأتذكر أموراً ما كنت لأتذكرها إلا فيكِ , حتى ما أضعت من أغراضي قبل حين من الزمن أتذكره!!
تَعَجَبَتْ...قلت لما العجب..النفس والشيطان
قالت لي صلاتي : أنا كبيرة إلا على الخشعين.
قلت لها : أوتسخرين؟ فما أنا من الخاشعين...وإلا ما شكوت لكِ حالي
قالت لي صلاتي : الخشوع شأن إن وصلتي له سكنتي بصلاتك , فاذكري قول الله (وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلاَّ عَلَى الْخَاشِعِينَ )
قلت لها : اخبريني كيف أصل للخشوع ؟
قالت لي صلاتي : تأملي بالآيه ففيها الجواب (وَاسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلاَّ عَلَى الْخَاشِعِينَ، الَّذِينَ
يَظُنُّونَ أَنَّهُم
مُّلاَقُوا رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ )
أعرفتي من هم الخاشعين... قال تعالى(الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلاَقُوا رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ )
قلت لها : أعلم أني ملاقية ربي وأؤمن بلقاء ربي ولكن كيف أجعل ذلك سبباً في خشوعي وخاصة في الصلاة؟
قالت لي صلاتي : جاء رجل إلى النبي فقال: { يا رسول الله عظني وأوجز، فقال عليه الصلاة والسلام: "إذا قمت في صلاتك فصل صلاة مودع}
قلت لها : نعم فهمت , التخيل مفيد , أتخيل أني في آخر صلاة لي في حياتي وأشعر أن الموت آتيني بعدها .
قالت لي صلاتي : يفسر ابن القيم الخشوع تفسيراً دقيقاً (خشوع القلب لله بالتعظيم والإجلال والوقار والمهابة
والحياء، فينكسر القلب لله كسرة ملتئمة من الوجل والخجل والحب والحياء، وشهود نعم الله،
وجناياته هو، فيخشع القلب لا محالة فيتبعه خشوع الجوارح).
قلت لها : اذكري لي بعض الأمور تساعدني لأن أكون بقلب خاشع فأخشع في صلاتي .
قالت لي صلاتي : اهتمي بأمرين ...
أولهما :حافظي على جوارحك فهي مداخل القلب , حافظي عليها من الآثام واشغليها بالنافع من القول والعمل.
ثانيهما :تزودي بالعلم الذي يؤدي بك إلى الخشوع فالوصول للخشوع علمٌ يُطلب وبدون طرق بابه يُرفع ,
وتأملي قول الرسول صلى الله عليه وسلم : ( أول علم يرفع
من الناس الخشوع حتى لا ترى خاشعاً).
قلت لها : صلاتي يا رفيقة الدرب , إني لأخشى دبر كل صلاة أن لا يكون كتب لي شيء منك إلا شيءٌ يسير
كما في الحديث { إن العبد لينصرف من صلاته، ولم يكتب له منها إلا نصفها، إلا ثلثها، إلا ربعها،
إلا خمسها، إلا سدسها، إلا سبعها، إلا ثمنها، إلا تسعها، إلا عشرها}
و لكنِ أرجوا رحمة ربي...ومن اليوم سيكون رجائي مقترناً بالسعي والطلب...
وأرجوا يا رفيقتي أن تكوني شاهداً لي لا علي يوم الدين وأكون بكِ ناجحة فائزة ,
كما ذكر فضلك في هذا الحديث { إن أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة من عمله صلاته، فإن صلحت فقد أفلح وأنجح،
وإن فسدت فقد خاب وخسر، فإن انتقص من فريضته شيء، قال الرب عز وجل: انظروا هل لعبدي من تطوع فيكمل بها ما انتقص من
الفريضة؟
ثم تكون سائر أعماله على هذا }
بسم الله الرحمن الرحيم
رافقتني منذ نعومة أظفاري و مع أول خطوات حياتي , حينما كنت أتابع أمي وهي تصلي وأقلد حركاتها قياماً وقعوداً وركوعاً وسجوداً
, و أفراد أسرتي يصفقون لي ويستبشرون خيراً في فعلتي..
بلغت سن الخامسة ولي سجادةٌ صغيرة وغطاء رأس أبيض , ألبسها تارة وألفها تارة وأقلد من يصلي من الكبار بمتابعة دقيقة
و لا يفوتني أن أسمع كلمات الثناء , أو الصور تلتقط لي وأنا أمثل الصلاة...
زاد عمري عامين , فتغيرت لغة المخاطبة , و أصبحوا يحثوني على الرفيقة حثاً ,
حتى أنهم يأمروني أن أقطع لعبي أو متعتي التي أقضيها لأصلي..
وعندما وصلت العاشرة , أصبح الحث أمراً يتبعه تهديدٌ ووعيد ومتابعة جادة مِنْ مَنْ يريدونني على الطريق المستقيم ,
فأصبح النوم يقطع من لذته لألبي المنادي , وليالي الشتاء الباردة لم تكن سبباً في تركي للطهر والوضوء..
وفي طوري للنضج الأنثوي , كان أحرص ما تحرص عليه أمي ومعلماتي هو صلاتي , فبعد كل آذان يعقبه نداء أمي التذكيري
بالصلاة ,
وفي المدرسة لا تتوانى المشرفات والمعلمات من البحث عنا و إخراجنا من مخابئنا لنصلي صلاة الظهر ...
مر الحين و الزمن...و انتهى النداء والتذكير منهم...لِيحل محله هاتف داخلي , هاتف لا راد له ,
يستجيب لنداء الآذان ويحثني أن اتركي ما لديك وهلمي إلى الملتقى..إلى الرفيقة...تلك التي عرفتها منذ بدء حياتي ,
وألتقيها في كل يوم خمس مرات لزاماً ويزيد..
تستجيب نفسي لهذا الهاتف وتصبوا للصلاة..
أصلي..
نعم أصلي...و كلنا يصلي
ولكنـ...رفيقتي تشتكي تقصيري
وتسائلني...
أين شوقك لي؟
أين راحتك بي؟
أين خشوعك معي؟أجيبها : حيرتني يا رفيقة , فما أصعب ما سألتِ عنه , نفسي عويصة وحالي عجيب!
قالت لي : ما شأنك؟
قلت لها : أتصدقين...أرفع يداي مكبره والخشوع أمام عيناي فهو رغبتي , وقد أخشع في اللحظات الأولى ,
ثم ما ألبث أن تنصب الدنيا صباً أمام عيناي..فكأن من فتح في رأسي فجوة..وملأها بكل شاغل ومشغل ,
فإني لأتذكر أموراً ما كنت لأتذكرها إلا فيكِ , حتى ما أضعت من أغراضي قبل حين من الزمن أتذكره!!
تَعَجَبَتْ...قلت لما العجب..النفس والشيطان
قالت لي صلاتي : أنا كبيرة إلا على الخشعين.
قلت لها : أوتسخرين؟ فما أنا من الخاشعين...وإلا ما شكوت لكِ حالي
قالت لي صلاتي : الخشوع شأن إن وصلتي له سكنتي بصلاتك , فاذكري قول الله (وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلاَّ عَلَى الْخَاشِعِينَ )
قلت لها : اخبريني كيف أصل للخشوع ؟
قالت لي صلاتي : تأملي بالآيه ففيها الجواب (وَاسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلاَّ عَلَى الْخَاشِعِينَ، الَّذِينَ
يَظُنُّونَ أَنَّهُم
مُّلاَقُوا رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ )
أعرفتي من هم الخاشعين... قال تعالى(الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلاَقُوا رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ )
قلت لها : أعلم أني ملاقية ربي وأؤمن بلقاء ربي ولكن كيف أجعل ذلك سبباً في خشوعي وخاصة في الصلاة؟
قالت لي صلاتي : جاء رجل إلى النبي فقال: { يا رسول الله عظني وأوجز، فقال عليه الصلاة والسلام: "إذا قمت في صلاتك فصل صلاة مودع}
قلت لها : نعم فهمت , التخيل مفيد , أتخيل أني في آخر صلاة لي في حياتي وأشعر أن الموت آتيني بعدها .
قالت لي صلاتي : يفسر ابن القيم الخشوع تفسيراً دقيقاً (خشوع القلب لله بالتعظيم والإجلال والوقار والمهابة
والحياء، فينكسر القلب لله كسرة ملتئمة من الوجل والخجل والحب والحياء، وشهود نعم الله،
وجناياته هو، فيخشع القلب لا محالة فيتبعه خشوع الجوارح).
قلت لها : اذكري لي بعض الأمور تساعدني لأن أكون بقلب خاشع فأخشع في صلاتي .
قالت لي صلاتي : اهتمي بأمرين ...
أولهما :حافظي على جوارحك فهي مداخل القلب , حافظي عليها من الآثام واشغليها بالنافع من القول والعمل.
ثانيهما :تزودي بالعلم الذي يؤدي بك إلى الخشوع فالوصول للخشوع علمٌ يُطلب وبدون طرق بابه يُرفع ,
وتأملي قول الرسول صلى الله عليه وسلم : ( أول علم يرفع
من الناس الخشوع حتى لا ترى خاشعاً).
قلت لها : صلاتي يا رفيقة الدرب , إني لأخشى دبر كل صلاة أن لا يكون كتب لي شيء منك إلا شيءٌ يسير
كما في الحديث { إن العبد لينصرف من صلاته، ولم يكتب له منها إلا نصفها، إلا ثلثها، إلا ربعها،
إلا خمسها، إلا سدسها، إلا سبعها، إلا ثمنها، إلا تسعها، إلا عشرها}
و لكنِ أرجوا رحمة ربي...ومن اليوم سيكون رجائي مقترناً بالسعي والطلب...
وأرجوا يا رفيقتي أن تكوني شاهداً لي لا علي يوم الدين وأكون بكِ ناجحة فائزة ,
كما ذكر فضلك في هذا الحديث { إن أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة من عمله صلاته، فإن صلحت فقد أفلح وأنجح،
وإن فسدت فقد خاب وخسر، فإن انتقص من فريضته شيء، قال الرب عز وجل: انظروا هل لعبدي من تطوع فيكمل بها ما انتقص من
الفريضة؟
ثم تكون سائر أعماله على هذا }