من خلال الخطوات الأولى لمنافسك فى لعبة الشطرنج تستيطع قراءة خطته التى سيلعب بها، والقارئ الجيد لخطوات مبارك الأولى على رقعة الشطرنج فى الأزمة الاخيرة سيجد أن ثانى خطواته كانت بتعيين نائب له، وهو بتلك الخطوة الساذجة قصد ذلك أم أجبر عليه أعطى لمنافسه فرصة قراءة نهاية المشهد واللعبة، وأعطاه يقينا تاما بأن سقف تنازلاته سيكون بتخليه عن السلطة والرحيل لذا عين نائبا يكون مقبولا لدى الجيش والأطراف الخارجية ليدير دفة الحكم فى حال فشلت كل خطواته البينية للحيلولة دون أن يصل إلى نهاية اللعبة والاضطرار لتقديم سقف التنازلات بالرحيل.
وبالتأكيد سيثير خطاب مبارك الأخير الكثيرمن الخلافات والآراء حول الاكتفاء بالتظاهر الآن أو المضى قدما لحين تحقيق المطلب الأول والرئيسى للشعب باسقاط النظام، إلا أنه لا بد وأن تستمر انتفاضة الشعب وحركته حتى يقال لمبارك "كش ملك"، فلهؤلاء المتفائلين من خطاب مبارك والداعين للتوقف الآن أدعوهم لقراءة مخلتفة للخطاب وفق النقاط التالية التى سنسردها سريعا:
1- مقدمة خطاب الرئيس والتى اتهم فيها القوى السياسية بصب الزيت على النار واستغلال الشباب وتظاهراتهم السلمية لقطع الطرق وتخريب البلد وترويع الجماهير وحرق الممتلكات العامة والخاصة و.. و.. ، هو إشارة لأحد أمرين :
إما أن مبارك -إن أحسنا الظن به- لا زال لا يعلم بما يحدث حقيقة فى البلد وأن المسئول عن التخريب هو رجال الأمن وبلطجية الوطنى والسجناء التى أطلقتهم الداخلية قبل انسحابها لاحداث فراغ أمنى، والتى إن نست الأمة كل ما لحق بها سابقا من مساوئ هذا النظام فلا يجب أن تنسى أبدا هذه الخيانة الصريحة والطعنة فى ظهر الشعب لأجل تحقيق مصلحة خاص ببقاء هذا النظام فى سدة الحكم مضحيا بآثار مصر وأمنها وتراثها وممتلكاتها.
أو أنه لا زال يكذب كما عهده الشعب على مدار ثلاثين عام، واعدا بانه لن يترشح سوى لمرة واحدة فور توليه الرئاسة فى الثمانينات وهو ما كذبته أفعاله ليفتح باب الترشح لفترات غير محدودة، فضلا عن الوعود الكاذبة المتلاحقة عن الاصلاح وتحسين احوال الشعب والاستجابة لمطالبه والنهضة ببلدنا الحبيب مصر
2- تعليق مبارك على مجلس الشعب والأمر بالنظر فى الطعون الانتخابية بما يعنى اسقاط عضوية أكثر من نصف أعذاء هذا المجلس، برغم أن هذا الشخص هو ذاته من كان منذ أيام قلائل يبتهج بالعملية الانتخابية وما تم فيها وانها معبر حقيقى عن رغبة الشعب وارادته وصوته
3- طلب مبارك بتعديل مادت الدستور المتعلقتين بانتخاب الرئيس وتقييد مدد الرئاسةـ وهو الامر الذى بحت لأجله الاصوات منذ سنوات من كل المخلصين لهذا الوطن وقضى لأجل ذلك الكثير من الشباب والشيوخ أياما من عمرهم خلف سجون المعتقلات ولازالوا، فهل للتو فقط وصلت هذه الأصوات لمبارك لكى يستجيب لها ؟؟ وأين هو منذ سنوات وسنوات
لان نعلم ماذا نقول وماذا نترك، ولكن ينبغى أن يدرك الشعب أن لكل أمة ميلاد ولكل ميلاد وخاض ولكل مخاض آلام، وأن نصبر اليوم على بعض الآلام والغرز والدماء المتعلقة بعملية جراحية لازالة ورم خبيث يستشرى فى المخ ليعود اجسد معافى سليما خير من أن نترك هذا الورم يستشرى وينتشر وينشر خبثه خوفا من جرح سطحى سيحدثه مشرط الجراح ستسيل معه بعض الدماء.
يجب أن ينظر الشعب بفهم ووعى للمستقبل وأن لا يكتفى بالنظر تحت أرجله خوفا على لقمة عيش أبنائه اليوم وغدا ومدارسهم ودراستهم، بل ينظر لأبنائه نظرة على المدى البعيد وشربهم المستمر للمياه المسببة للفشل الكلوى وأكلهم للخضروات والأطعمة التى تم ريها بمياه الصرف الصحى ورشها بالمواد المسرطنة، ينبغى أن ينظروا لمستقبل أبنائهم ووجوب توفير حياة كريمة لهم بمسكن مناسب ودخل مناسب وحرية وكرامة ورأس مرفوع لا تنحنى.
جماهير الشعب المصرى الأبى صبرنا على هذا النظام بظلمه وذله وجبروته وقهره ثلاثون عاما، فلنصبر على مطالبنا وانتفاضتنا لنيل حريتنا ثلاثة أسابيع، ولعل الأقدار تحمل ما هو أسرع وأقرب ولا يزيد الأمر عن ثلاثة أيام ويكون موعدنا الجمعة، أليست الجمعة بقريبة؟!