إعلام الثورة يتصدى للقذافي
مع اندلاع ثورة 17 فبراير في ليبيا، ظهرت في "المناطق المحررة" وخاصة بمدينة بنغازي، عدة وسائل إعلامية محلية تتحدث
باسم الثوار وتعكس آراءهم، وتتصدى لإعلام القذافي.
فقد أنشأ الثوار محطتين إذاعيتين تحملان اسم "صوت ليبيا الحرة"، تبث إحداهما على الموجة المتوسطة ويصل بثها إلى
أجزاء كبيرة من ليبيا، وتبث الأخرى على الموجة القصيرة وتغطي مساحة 50 كلم2 في نطاق مدينة بنغازي.
ويشرف على فقرات البرنامج العام للمحطتين ويؤطرها إذاعيون وإعلاميون منهم من تعرض للملاحقة الأمنية والمضايقات من
أعضاء اللجان الثورية، كما يقولون.
ويؤكد القائمون على المحطتين اللتين تحظيان بنسبة استماع كبيرة من الجمهور الليبي، أن الخطاب الإذاعي المعتمد فيهما
يتمحور حول دعم المبادئ والأهداف التي سعت لها ثورة الشباب الليبي، وهي الحرية والمساواة وسيادة القانون وإطلاق
مؤسسات المجتمع المدني وصياغة دستور للبلاد.
وبحسب عدد من إذاعيي المحطتين اللتين تبثان على مدى 13 ساعة، فإن مهمتهم إلى جانب ذلك تتلخص في تفنيد ما قالوا
إنها "المزاعم والأكاذيب التي يروجها القذافي وابنه في وسائل الإعلام الليبية التي فقدت مصداقيتها".
ويشتمل خطاب إذاعة ليبيا الحرة -بحسب بيان صادر عن إدارتها- على التعبئة الوطنية والتأكيد على لحمة الشعب الليبي في
ارتباطه بالنسب والمصاهرة والجوار والرفقة، "فليبيا قبيلة واحدة"، و"القبيلة دورها اجتماعي فقط"، خلافا لما يروج له
القذافي.
مركز إعلامي
كما أنشأ الثوار في بنغازي مركزا إعلاميا يضم عدة أقسام منها قاعة للرسم الكاريكاتيري والخط العربي والإنجليزي لكتابة
لوحات تروج للثورة ورسومات كاريكاتيرية تستهدف نظام القذافي وأيدولوجيته السياسية.
ويضم المركز قاعة للفنانين في بنغازي يجتمعون فيها لدعم الثورة وإنتاج أعمال فنية تؤرخ لها وتساندها، إلى جانب قاعة
صغيرة تعتبر غرفة للعمليات أو مركزا إعلاميا مصغرا تم تخصيصه للصحفيين الأجانب.
كما يضم المركز قاعة للتحرير والإخراج الصحفي، تصدر منها صحيفة يومية اسمها "ليبيا 17 فبراير" في ثماني صفحات، صدر
منها حتى الآن أكثر من عشرة أعداد. وتتخذ هذه الصحيفة من مقولة عمر المختار "نحن لن نستسلم.. ننتصر أو نموت" شعارا
لها تزين به صدر صفحتها الأولى.
ويعتمد الخطاب الإعلامي لهذه الصحيفة على الترويج للثوار ونشر مقالات مناهضة للقذافي إلى جانب قصائد شعرية تمدح الثوار
وتتحدث عن الثورة وتعدد مزاياها ومدى تأثيرها في المجتمع الليبي، وتنتقد القذافي ونظامه الذي تصفه ب
النظام "المنهار".
كما تنشر صورا فوتغرافية توثق لاعتصام الثوار بجانب محكمة شمال بنغازي، وصورا للشهداء والجرحى الذين قضوا في
المواجهات مع نظام القذافي في مدينة بنغازي في بدايات اندلاع المواجهات بين الطرفين.
كما تنشر صحيفة "ليبيا 17 فبراير" لقاءات مع عدة سجناء رأي سياسيين سابقين وأسر الشهداء وشهادات ممن تواجهوا مع
الكتائب الأمنية التابعة للقذافي، إلى جانب نشرها لنشاطات الثوار اليومية في بنغازي.
تعبئة الثوار
وفي السياق نفسه تصدر مع صبيحة كل يوم من هذه الأيام في بنغازي صحيفة أخرى تسمى "بلادنا"، ويقوم على هيئة تحريرها عدد
من أساتذة جامعة قاريونس، وهي صحيفة تساند الثوار وتعبئهم ضد نظام القذافي، وتوجه الرأي العام باتجاه مضاد للإعلام
الرسمي في ليبيا هذه الأيام.
كما تصدر إلى جانب ذلك وبشكل يومي أيضا نشرة إعلامية اسمها "ليبيا الحرة" تعتمد الخطاب نفسه، وهو تعبئة الثوار ونشر
إنتاجهم الفكري والأدبي ودعمهم من الناحية المعنوية.
من جانب آخر خصص ثوار 17 فبراير في مكان الاعتصام قرب محكمة شمال بنغازي، شاشة عرض يتجمع عندها المعتصمون لمتابعة
القنوات الفضائية الإخبارية التي تقدم تغطية متواصلة لأحداث الثورة في المدن الليبية المختلفة، وفي مقدمتها الجزيرة.
كما أطلق الثوار إذاعة داخلية خصصت لها سماعات كبيرة الحجم تبث داخل المساحة التي يوجد فيها المعتصمون، وتتلخص
مهمتها في تحفيز المعتصمين على إطلاق الشعارات الموالية للثوار وقراءة البيانات الصادرة عن اللجنة الإعلامية للثوار في
بنغازي وبعض الإعلانات والبلاغات للمعتصمين.
ومن ضمن وسائل الإعلام التي تزامن ظهورها مع ثورة 17 فبراير خيمة أنشأها أحد ناشطي الإنترنت في بنغازي -رفض الكشف عن
اسمه- تحتوي شاشة ذات حجم كبير لعرض أفلام وثائقية أنتجها بنفسه، وهي أفلام "تكشف الزيف والفساد اللذين عاشهما
الليبيون لأكثر من أربعين عاما".