دعوت فلم يُسْتَجَب لي
كلمة جاءت بها السنة النبوية المطهرة
مثلا لعبد دعا الله ثم استبطأ الإجابة
[ وَاللّهُ يَحْكُمُ لاَ مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ وَهُوَ سَرِيعُ الْحِسَابِ ] ( 1 )
لك أن تتخيل رجلا
حُرِمَ نعمةَ الولد
وهو يدعوا الله عز وجل أن ينعم عليه بذرية طيبة
هذا الرجل من المؤمنين
بل أنه يحمل بين جنبيه إيمان أمة
هو القانت العابد المنيب
القريب من ربه
إنه الأواه الحليم
إنه أبو الأنبياء إبراهيم عليه السلام
حتى إذا تقدم به العُمر
وبلغ مئة وعشرين سنه
وجاوزت زوجته التسعين ( 2 )
عندها جاءته البشرى
[ وَامْرَأَتُهُ قَآئِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَقَ وَمِن وَرَاء إِسْحَقَ يَعْقُوبَ ] ( 3 )
وصدق وعد الله لعبده النبي الصالح
[ الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَقَ إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعَاء] ( 4 )
وانتهت قصة ابراهيم في طلبه الولد
وتعجبتُ أشد العجب
تعجبتُ أن الله سبحانه وتعالى حجب إجابة هذه الدعوة عن ابراهيم سنين عددا
وعلمتُ أن الله عز وجل يحب دعاء الملحين وتضرع المتضرعين
فكيف بدعاء رجل هو خليل الرحمن
[ وَاتَّخَذَ اللّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً ] ( 5 )
تعجبتُ أن الله سبحانه وتعالى استجاب الدعوة في وقت قد انقطعت فيه أسباب الأرض ولم يبقى إلا الله
وعلمتُ أن هذا أبلغ في منة الله عز وجل بتفضله على عباده الصالحين ورحمته بهم ، خاصة بعد
أن وصلت امرأة النبي الكريم إلى سن انقطاع الطمث
لتكون بذلك إرادة الله سبحانه وتعالى مذهلة باعثة للدهشة
[قَالَتْ يَا وَيْلَتَى أَأَلِدُ وَأَنَاْ عَجُوزٌ وَهَـذَا بَعْلِي شَيْخًا إِنَّ هَـذَا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ ] ( 6 )
لكن الأمر بيد الله سبحانه وتعالى
[قَالُواْ أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللّهِ رَحْمَتُ اللّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَّجِيدٌ ] ( 7 )
تعجبتُ أن ابراهيم عليه السلام ظل يدعوا ربه سنين طويلة
لم يتطرق فيها اليأس إلى نفسه الطاهرة
وعلمتُ أن هذا الرجل أراد له ربه أن يكون من الموقنين
[وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ ] (
ويتناقل ذرية ابراهيم هذا اليقين جيلا بعد جيل
حتى يصل شامخا إلى قلب يعقوب عليه السلام
والذي رسخ هذا اليقين في قلبه رسوخ الجبال الراسيات
فهاهو يوصي أبناءه
[يَا بَنِيَّ اذْهَبُواْ فَتَحَسَّسُواْ مِن يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلاَ تَيْأَسُواْ مِن رَّوْحِ اللّهِ إِنَّهُ لاَ يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ ] ( 9 )
وبعد أن علمنا هذه المعاني المبهرة
من قصة هذا النبي الكريم
ألم يأنِ لقلوبنا أن تنكسر خجلا من الله ؟
هل يبقى في أنفسنا شيء من الكآبة لتأخر إجابة دعاء دعونا به الله ؟
هل ينجح الشيطان في زرع اليأس في أنفسنا لنعرض عن دعاء ربنا ؟
ألا يحق لنا أن نظن بربنا خيرا وأنه سبحانه يستمع لمناجاتنا له ؟
ألا يحق لأنفسنا أن تمتليء ثباتا ويقينا أن الله قريب مجيب ؟
ألا يُطَمْئِنُ قلبك
ماجاء - عن سلمان الفارسي - رضي الله عنه - عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:
( إن الله تعالى ليستحي أن يبسط العبد إليه يديه يسأله فيهما خيرا فيردهما خائبين ) ( 10 )
ألا يُطَمْئِنُ قلبك
ماقاله رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : يستجاب لأحدكم ما لم يعجل . يقول :[ دعوت فلم يستجب لي] ( 11 )
ألا يُطَمْئِنُ قلبك
ماجاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:[ لا يزال يستجاب للعبد ما لم يدع بإثم ]( 12 )
وإليك آية من كتاب الله
أحسب أنها ستنسكب على نفسك الطيبة
لتملأها ايمانا ويقينا
[وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ ] (13)