الناظر الى أحوال المسلمين اليوم عموماً يتقطع ألم وحسرة على يرى من تفريط هؤلاء المسلمين وتضييعهم للحق الذي بين يديهم .
لم يدخر العلماء الربانيين جهداً في تعليم الناس ابتغاء وجه الله حتى لا يلتبس على المسلم شيء من أمر دينه ودنياه وقاعدتهم في هذا ما تركه معلم الناس عليه الصلاة والسلام من حديث ( تركتكم على المحجة البيضاء ليلها كنهارها ... الحديث ) ، ورد عن السلف الصالح مما أخذوه أن العالم الرباني هو الذي يحرص على تعليم المسلمين صغائر الأمور الصغيرة بعد الصغيرة قبل أن يصل معهم الى الأمور الكبيرة والعقائدية في الدين ، ومع هذا نرى من يهاجم العلماء اليوم بحجة أنهم يذكرون ويعلمونهم أشياء هي في نظرهم صغيرة وعادية ولست أجزم أن لو سألت أحدهم عن أركان الصلاة لم يجبك بل فغر فاه ثم ابتسم ابتسامة كناية عن قوله : لا يهم .. ثم يتشدقون بأنهم يصلحون المجتمع وأنه لا فائدة اليوم من اللجوء الى سؤال هؤلاء العلماء أو ظهور العلماء ليعلموا الناس أمور دينهم الصغيرة والتي حسب نظر تلك الشريحة أنها أشياء بديهيه في زعمهم وظنهم وأنه لا حاجة للعلماء الربانيين في عصرنا لتعلم أمور الدين ... الخ من هذه الحجج الضعيفة التي نسمعها كثيراً اليوم وهي حجج واهيه وكلام ليس له أصل .
( استفت قلبك وان افتوك ) أحد الأحاديث التي جعلها الناس اليوم حجة على قيامهم بالأمور الدينية حسب أهوائهم معتقدين بهذا جهلاً أنه يجوز لفلان أن يفتي لنفسه سواءا بالحل أو الحرام لأن هذا مايمليه عليه قلبه بدون أن يسمع من العلماء الربانيين حكم الشارع الحكيم سبحانه في هذا الأمر !! والصحيح الغائب هو أن حديث ( استفت قلبك ) ماجاء ليحل الإنسان مايريد ويحرم مايريد .. بل كان مقتضى العمل به هو عندما تخير بين أمرك من الحلال فيلتبس عليك الأمر وهو حلال فهنا حتى إن سألت واستفتيت العالم الرباني وكان لك مسارين فيجوز لك ان تستفتي قلبك أي الطريقين تسلك لأنها كلها حلال ، أما ما نراه اليوم والله المستعان من قضايا محرمة وفيها أدلة شرعية على تحريمها ثم نرى جدالا في الله بغير حق من هؤلاء الناس يرتكبون الأمر المحرم ثم يقولون ( استفت قلبك ) فهذه مصيبة عظيمة أولاً لجداله في الله بغير حق وثانياً لتأويل احاديث النبي عليه الصلاة والسلام على حسب الأهواء والرغبات .
قال تعالى ( ومن الناس من يجادل في الله بغير علم ويتبعُ كل شيطان مريد - كُتب عليه أنه من تولاه فأنه يضله ويهديه الى عذاب السعير )
نزلت هذه الاية أحد كفار قريش وهي انما ذكرت على وجه العموم وليس الخصوص ( ومن الناس ) .. لذلك كانت على وجه العموم .
ذم الله من يجادل بالباطل ويصر على الباطل رغم الأدلة الواضحة والصريحة من القران والسنة ، والذم يشمل من يفسر أمور الدين حتى تصبح مناسبه لتلبية شهواته و اهوائه .
كان النضر بن الحارث يجادل الرسول عليه الصلاة والسلام بالباطل ويتكلم في أمور لا يفقهها ويفسر ويتكلم حسب أهوائه ثم ذم الله هذا العمل وأنزل هذه الاية الكريمة ، ومع هذا نرى اليوم شريحة كبيرة جداً لا تتردد في الجدال في الدين وأمور الدين بالباطل وهم لايملكون علماً شرعياً ولا دراية ولو صغيرة بأمور الشرع حتى ان أحدهم قد لا يصلي الخمس صلوات مع جماعة المسلمين في بيت الله ثم يأتي ويتشدق ويناعق ويناهق في أمور دينية وعقائدية ويجادل العلماء الربانيين من شابت لحاهم في طلب العلم الشرعي ابتغاء وجه الله ولا يكتفي بهذا بل أنه يقدح في العلماء وفي علمهم وهذا والله من أشد الجهل وأعجب العجب أن ترى هذه الشريحة ترغي وتزبد بدون علم ولا هدى ولا كتاب منير ، اتبعوا اهوائهم وأملى عليهم الشيطان فإتبعوه وهذا من الخسران المبين والله المستعان .
منقول من قافله الداعيات
لاتنسوني من صالح دعائكمـ
