أهلا بكم أدمغتي و دماغاتي
اقترب رمضان ، انه يتقدم إلينا في كل لحظة ، انه على الأبواب ، على الحدود ، على الجبهة هل تعلم ماذا يعني هذا ؟
هل تعلم ماذا يعني اقترابه ؟ (هل تعلم ان "هل تعلم" هذه "بطلّوها" حتى في الإذاعة المدرسية ؟) أنا أعرف أنّك تقول
الآن وبما انك على الإنترنت تنقر فوق لوحة المفاتيح طاليًا أظافرك بمناكير المثالية: (بالنسبة للبنات هع
- شهر الصوم ، الركن الرابع من أركان الإسلام
شهر العبادة و الطاعة
شهر فيه ليلة كألف شهر
شهر نزل فيه القرآن
شهر تفتح فيه أبواب الجنة و تغلق ابواب النار
شهر تصّفد فيه الشياطين
لا تكن سطحيا يا رجل ، هذا كان في الماضي ، هل أنت في عصر الجاهلية أم عصر الديناصورات ؟
رمضان يعني مسلسلات على كيفك ، رمضان ليس في المسجد بل في التلفزيون ، رمضان لا يعني الجوع
بل يعني اطيب الأكلات و أشهاها ، لا يعني قيام الليل بل..بل..نعم يعني قيام الليل لكن ليس بمفهومك الجاهلي.
بماذا يجب ان استهل كلامي عن حالنا في رمضان .. (يا للأسى...) أو (للأسف..) أو (كان يامكان...) ؟
سآخذها كلها...إلا (كان يامكان) دي خليها لمامتك تقولهالك قبل النوم...بهزر .
-يا للأسى على حال الكثير من الناس في هذا الشهر المبارك ، يأتيهم رمضان ضيفاً كريما ليعطيهم
لا ليأخذ منهم فتجدهم ملتفين حول التلفاز بدون أي اهتمام للضيف الذي لن يأخذ حياتك كلها اذا كنت تعلم.
"لماذا" و "كيف" تفعل هذا يا هذا ؟
سيل من المسلسلات و البرامج و الفعاليات ينزل على رمضان ، سيل مليء بالشوائب التي تمثل المعاصي و الإنحراف
ومع ان الشياطين مصفدة و اصبحنا نلعب ضد الإحتياط وليس الفريق الأساسي ، إلا أنه الفريق الإحتياطي لإبليس لديه
مهارات مذهلة .. اللعنة ! (وعادة تبدأ المباراة بعد صفارة المؤذن)
ألا ترى كيف يخرجون اروع الحلقات و بأجمل القصص و يتنافسون فيما بينهم ، ألا ترى ؟ أم أنك تشاهد قناة أخرى ؟!
لا أستطيع ان ألوم الشركات المنتجة و القنوات المعلنة و الشبكات الفاضية ، بل سألومك انت ، لأني ما أقدر عليهم
و أقدر عليك ، هذا ليس ذنبي ، فالقوي يأكل الضعيف عليك ان تتأقلم ، لذا ايها الضعيف ، الذي يشاهد الحلقة
و يتبعها بأختها ، ولا يفوت حتى الإعلانات التي بينها ، والذي لم يلاحظ اني قلت بيت شعر بقافية قبل قليل
اتقي الله
نعم اتقي الله ، سأقولها لك حتى لو كنت تفعل هذا في غير رمضان ، فما بالك بهذا
الشهر ، ولا أحتاج لإن أمثل دور واعظ او موجه تربوي لأخبرك ما هو رمضان ، وما هي فضائل هذا الشهر.
ولا أحتاج لأن آتي إليك وأهمس في أذنك بكلمات ناعمة لأذكرك و أنصحك ( يا أخي هذا الشهر عظيم قدره
، لا تعصي الله فيه بارك الله فيك ، لا تفعلها أرجوك...) وكأني أشحت منك ، اذا اردت ان تعصي الله فاعصي انت حر
اذا أردت ان تذهب للجحيم فاذهب ، لكن اخجل من نفسك فكما صح في الحديث ان باب جهنم مغلق في هذا الشهر
لماذا تذهب وانت تعلم انه مغلق ؟ فاتحين 11 شهر وتذهب الآن ؟ انت حقا زبون سيء ، لكنّي أبشرك ، في النار
يجيدون التعامل مع العملاء السيئين.
للأسف تحول الصيام من عبادة الى عادة ، واصبح شهر رمضان شهر احتفالات و أكل و لهو
و لغو ، هناك عائلات تقيم الولائم في رمضان فقط والدخول مجاني (بهزر اوعوا حد يروح) ، وانا لست ضدها
لإنه من فطّر صائما كان له مثل أجره ، لكن ماذا عن الولائم الليلية ؟ انا لا أفهمها..هل أحتاج لمدرس خصوصي ؟
وما فيها من سهر و هزار ولغو ، يمسحون اجر صيامهم بأفواهم ، نفس اللسان الأبيض الجاف في الصباح هو اللسان
الأسود الرطب ليلًا (بعد عمليات التقبيح طبعًا) ، هذا اذا كانوا صائمين حقا ولم يستيقظوا على آذان المغرب.
حتى انه في الغرب ، يظنون ان رمضان هو عيدنا ، مثل الكريسماس او الهالوين او لا أعرف ما هو !
لإنهم شافونا"مبسوطين" ، وتزداد الطلبية على البيبسي و الكولا ، ليظهر اوباما على التلفاز ليهنئنا
بحلول الشهر الكريم.
بماذا تخرف ؟ أليس رمضان أفضل الأشهر ويجب علينا ان نفرح بقدومه
نعم ، علينا ان نفرح ، ولا يكون الفرح بهذه الطريقة الهمجية وكأننا فزنا بكأس
العالم ، بل بالعبادة و التقوى كما قال الحاج أوباما.
كان يامكان (أو كان ياما كان .. اختلف العلماء فيها) ، في قديم الزمان ، كان هناك قوم من
العرب عرفوا بإسم (الصحابة) ، كانوا يدعون الله ستة أشهر أن يبلّغهم رمضان و يدعونه ستة أشهر بعده
أن يتقبله منهم ، كانوا يكثرون من الدعاء بالمغفرة ، وكانوا يختمون القرآن في سبع ليال في التراويح
وبعضهم يتخمه كل ثلاث أيام مرة ، وكانوا يطيلون صلاة التروايح و القيام حتى يعتمدوا على العصي و ينصرفوا قرب الفجر
كانوا يخلون للعبادة ، ويقللون من الطعام ، ويحفظون اللسان و يقللون الكلام ، وكانوا أجود ما
يكونون في رمضان ، ويجتهدون اكثر ما يجتهدون في العشر الأواخر من الشهر ، وكذلك حال شيوخهم و نسائهم.
هذه هي القصة ، من يستطيع فعل هذا ؟! ، من على الأقل يقدر عل ترك ذنوبه في رمضان ؟! ، لا عليك ايها القارئ
فهذه قصة اسطورية ، لإن من يفعل هذا سيكون كالقابض على الجمر.
( هكذا يريد الناس النصائح .. حتى لا نكون "متشددين" ! .. ما بقي الا ان اكتب
تحذير:"Don't try this at home"="لا تجرب هذا في المنزل" )
ترتفع أسعار المواد الغذائية في شهر رمضان بنسبة 10-30% ، وذلك لزيادة الطلب عليها.
غريب .. ما أعرفه هو كالتالي: في الأيام العادية يتناول الإنسان العادي ثلاث وجبات عادية (فطور-غداء-عشاء)
وفي الأيام الرمضانية يتناول الإنسان الرمضاني وجبتين رمضانيتين (فطور-سحور) ، فالمفروض ان تكون النسبة
بالسالب وليس بالموجب...على الأقل تنزل الأسعار 1%.
بلغ عدد المسلسلات التي قدمت في رمضان 2009 م - 1430 هـ خمسين مسلسل تقريبا
والآن في 2011 م - 1432 هـ أصبح العدد 81 مسلسل .. لزيادة الطلب عليها بالتأكيد !
بهذا الحال .. ومن سيء إلى أسوء .. ربما يأتي اليوم الذي يجب ان نقول فيه " رمضان جحيم " .. أو أنّي أُخرف.
ماذا نفعل ؟
أولا يجب ان تعلموا اني اعلم ان موضوعي هذا لن يغير الواقع ، فلن تكف القنوات عن بث و نفث سمومها
بمجرد كلماتي ، أي اني ولو كتبت أقوى الكلمات و أفضلها ، ولو نزلت علّي الملائكة تكتب معي فلن أستطيع
أن أقتل هذه الأفعى بكلماتي ، إذًا ما الحل ؟
دعهم في طغيانهم يعمهون ، أي اتركهم و شأنهم ، وحينما اقول اتركهم وشأنهم أعني ان لا تشاهد ، اما تقول "مع نفسهم"
ثم يثبت البحث الجنائي وجود بصماتك على جميع أرقام الريموت (جهاز التحكم)
حينها سأقول لك "أشرب بحر ومعاه نهر النيل".. عذرا أنت صائم ! إذًا "افطر بحر" ، فهذا نفاق.
ولا تقل:
بس هشوف مسلسل واحد .. او اثنين
لا تشاهد أبدًا "طبعا تستثنى البرامج الدينية و التثقيفية ولكن لا تتحول لإلهاء" ، فمشاهدتك دعم
وانت ستحاسب لوحدك لذا لا تختبأ وسط حشد المشاهدين و زحامهم بـ:
كل الناس بيتفرجوا .. فين المشكلة ؟
وأزف اليك التهاني بقول " ماتخافش كلها ستعاد بعد رمضان " .. أي سخافاتك موجودة .. فلا تستجعل عليها.
في الختام .. السبب الذي دفعني لكتابة هذا الموضوع قبل حلول رمضان هو اننا يجب
ان نستعد كما تستعد القنوات بإعلاناتها..و أدعو الله ان يبلغنا رمضان و يغفر لنا فيه.