[center]
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا
وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا
أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ}
[الحجرات: 12]
وهذا من أحسن القياس التمثيلي؛
فإنه شبَّه تمزيق عرض الأخ بتمزيق لحمه ..
ولما كان المغتاب يمزق عرض أخيه في غيبته، كان بمنزلة من يقطع لحمه
في حال غيبة روحه عنه بالموت؛ لما كان المغتاب عاجزًا عن دفعه بنفسه
بكونه غائبًا عن ذمِّه كان بمنزلة الميت الذي يُقَطَّع لحمه
ولا يستطيع أن يدفع عن نفسه.
ولما كان مقتضى الأخوة التراحم والتواصل والتناصر،
فعلَّق عليها المغتاب ضد مقتضاها من الذمِّ والعيب والطعن ..
كان ذلك نظير تقطيعه لحم أخيه، والأخوة تقتضي حفظه وصيانته والذب عنه.
ولما كان المغتاب متفكهًا بغيبته وذمِّه، متحليًا بذلك ..
شبه بأكل لحم أخيه بعد تقطيعه .. ولما كان المغتاب محبًا لذلك معجبًا به،
شبه بمن يحب أكل لحم أخيه ميتًا ..
ومحبته لذلك قدر زائد على مجرد أكله، كما أن أكله قدر زائد على تمزيقه ..
فتأمل هذا التشبيه والتمثيل وحسن موقعه ومطابقة المعقول فيه للمحسوس،
وتأمل أخباره عنهم بكراهة أكل لحم الأخ ميتًا ووصفهم بذلك
في آخر الآية والإنكار عليهم في أولها أن يحب أحدهم ذلك ..
فكما أن هذا مكروه في طباعهم، فكيف يحبون ما هو مثله ونظيره؟!
فاحتج عليهم بما كرهوه على ما أحبوه، وشبه لهم ما يحبونه بما هو أكره شيء إليهم وهم أشد شيء نفرة عنه ..
فلهذا يوجب العقل والفطرة والحكمة أن يكونوا أشد شيء نفرة
عما هو نظيره ومشبهه
وبالله التوفيق،،[/center]
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا
وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا
أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ}
[الحجرات: 12]
وهذا من أحسن القياس التمثيلي؛
فإنه شبَّه تمزيق عرض الأخ بتمزيق لحمه ..
ولما كان المغتاب يمزق عرض أخيه في غيبته، كان بمنزلة من يقطع لحمه
في حال غيبة روحه عنه بالموت؛ لما كان المغتاب عاجزًا عن دفعه بنفسه
بكونه غائبًا عن ذمِّه كان بمنزلة الميت الذي يُقَطَّع لحمه
ولا يستطيع أن يدفع عن نفسه.
ولما كان مقتضى الأخوة التراحم والتواصل والتناصر،
فعلَّق عليها المغتاب ضد مقتضاها من الذمِّ والعيب والطعن ..
كان ذلك نظير تقطيعه لحم أخيه، والأخوة تقتضي حفظه وصيانته والذب عنه.
ولما كان المغتاب متفكهًا بغيبته وذمِّه، متحليًا بذلك ..
شبه بأكل لحم أخيه بعد تقطيعه .. ولما كان المغتاب محبًا لذلك معجبًا به،
شبه بمن يحب أكل لحم أخيه ميتًا ..
ومحبته لذلك قدر زائد على مجرد أكله، كما أن أكله قدر زائد على تمزيقه ..
فتأمل هذا التشبيه والتمثيل وحسن موقعه ومطابقة المعقول فيه للمحسوس،
وتأمل أخباره عنهم بكراهة أكل لحم الأخ ميتًا ووصفهم بذلك
في آخر الآية والإنكار عليهم في أولها أن يحب أحدهم ذلك ..
فكما أن هذا مكروه في طباعهم، فكيف يحبون ما هو مثله ونظيره؟!
فاحتج عليهم بما كرهوه على ما أحبوه، وشبه لهم ما يحبونه بما هو أكره شيء إليهم وهم أشد شيء نفرة عنه ..
فلهذا يوجب العقل والفطرة والحكمة أن يكونوا أشد شيء نفرة
عما هو نظيره ومشبهه
وبالله التوفيق،،[/center]