الربو تعريفه وعلاجه
الربو هو التهاب مزمن في القصبات الهوائية يصاب به ملايين الأشخاص حول العالم. يعاني الأشخاص المصابون بالربو من ضيق في النفس، ضيق في الصدر، سعال وصفير. تزداد هذه الأعراض شدة خلال نوبة الربو التي تحصل عند التعرض للمواد المسببة للتحسس أو أي محفزات والتي بدورها تزيد من الإلتهاب في الممرات الهوائية مما يؤدي إلى عدم القدرة على طرد الهواء المحصور في الرئتين إلى الخارج، تكون معظم نوبات الربو خفيفة الشدة، ولكن حتى الأشخاص الذين يعانون من الربو الخفيف الشدة قد يصابون بنوبة ربو قاتلة.
يتم تشخيص الربو بعمل عدد من الفحوصات التنفسية واستبعاد مشاكل الجهاز التنفسي الأخرى مثل الانسداد الرئوي المزمن والانتفاخ الرئوي. إن حوالي 70% من الناس المصابون بالربو مصابون في الوقت نفسه بالحساسية، وذلك بحسب الأكاديمية الأمريكية للحساسية والربو والمناعة، وكما هو الحال مع الحساسية فان الربو يمكن أن ينتقل من الآباء للأبناء، حيث تصبح إمكانية إصابة الشخص بالربو أعلى في حال كان أحد الأبوين مصابا بالربو.
لا يمكن الشفاء من الربو ولكن عند تشخيص المرض فهناك طرق كثيرة للعلاج، حيث أن علاجات الربو المختلفة تساعد في منع حدوث نوبات الربو أو تعالجها في حال حدوثها. كما يمكن أن يعدّل الأشخاص المصابون بالربو من بيئتهم المحيطة ونشاطاتهم اليومية بطريقة تقلل من احتمالية حدوث نوبة ربو.
يُلاحظ أن الأعراض عند بعض الأطفال المصابون بالربو تختفي عندما يتقدمون في العمر، ولكن الربو لا يشفى أبدا وقد تعود الأعراض للظهور لاحقا، كما يلاحظ أن الأعراض عند أطفال آخرين قد تسوء عندما يتقدمون في العمر.
إن الشخص المصاب بالربو يعاني من إلتهاب في القصبات حتى في حال عدم وجود أعراض، إن هذا الالتهاب يسبب تضيق في الممرات الهوائية ويزيد من درجة التحسس للمواد المسببة للحساسية، حيث أن التعرض لهذه المحفزات يسبب عادة أعراض مثل السعال، الصفير، وعدم القدرة على التنفس بشكل طبيعي (ضيق النفس).
يؤثر الربو عادة على القصبات (وهي الممرات الهوائية الواسعة التي تسمح للهواء بالمرور بين القصبة الهوائية والرئتين)، إن الغشاء المبطن للقصبات الهوائية والمسمى بالغشاء المخاطي يحتوي على عاملين مساهمين في الربو:
• الغدد المخاطية: هذه الغدد تنتج عادة الكمية المناسبة من المخاط لترطيب الممرات الهوائية، ولكن خلال نوبة الربو يفرز المخاط بكمية كبيرة تتجمع وتغلق الممرات الهوائية.
• الخلايا المسببة للالتهاب: هذه الخلايا (وتشمل الخلايا البدينة، الخلايا الليمفية والخلايا الحمضية وهي أحد أنواع خلايا الدم البيضاء) تحفز الالتهاب كرد فعل على مواد يستقبلها الجسم كمواد خطيرة وهي مواد مخرشة أو مسببة للحساسية. وهذا الالتهاب بدوره يزيد من تدفق الدم للمنطقة حاملا معه الخلايا المقاومة لهذه المواد. إن هذه أجهزة طبيعية موجودة لحماية أنسجة الجسم مثل الغشاء المخاطي المبطن للقصبات الهوائية، ولكن خلال نوبة الربو يبقى النسيج ملتهبا لفترات طويلة من الوقت.
خلال نوبة الربو يؤدي التعرض للمواد المسببة للتحسس أو أي محفز آخر (مثل الرياضة أو الهواء البارد) إلى رد فعل من الخلايا البدينة الموجودة في أنسجة القصبات الهوائية للشخص المصاب حيث تقوم بإنتاج الهيستامين واللوكوترينات ومواد كيميائية أخرى، تسبب هذه المواد الكيميائية سلسلة التفاعلات التالية:
• تنقبض العضلات الملساء الموجودة في القصبات الهوائية مما يؤدي إلى تضيق الممرات الهوائية.
• تصبح أنسجة الغشاء المبطن للممرات الهوائية (وهو في أغلب الأحيان ملتهب عند الأشخاص المصابين بالربو) أكثر التهابا مما يؤدي إلى مزيد من التضيق في القصبات الهوائية.
• تنتج الأنسجة الملتهبة مزيدا من المخاط الذي يملأ ويضيق القصبات الهوائية.
إن حدوث التضيق في العضلات الملساء، والالتهاب والإفرازات المخاطية كلها معا تؤدي إلى تضيق شديد في قطر الممرات الهوائية وهي عملية تعرف بالتضيق الشعبي. عندما يحصل هذا، يحبس الهواء في الرئتين مما يجبر الشخص المصاب على بذل مجهود كبير جدا لدفع الهواء داخل وخارج الرئتين. ولأن الممرات الهوائية تضيق خلال نوبة الربو، فقد يعاني الشخص أيضا من ضيق في الصدر، سعال، صفير، وضيق في النفس، وفي الحالات الشديدة عندما يصبح التنفس صعبا جدا وتصبح مستويات الأكسجين في الدم قليلة، يمكن أن تكون نوبة الربو قاتلة.
يمكن أن يكون انخفاض مستوى الأكسجين في الدم خطيرا أيضا خلال فترة الحمل، فحيث يعتمد الجنين في الحصول على الأكسجين من دم الأم، فان عدم السيطرة على الربو خلال فترة الحمل يؤدي إلى ولادة طفل بوزن قليل إضافة إلى مضاعفات أخرى.
إن الشخص الذي يعاني من نوبة الربو يظهر وكأنه يلهث للحصول على النفس، إلا أنه في الحقيقة يكون الشهيق خلال نوبة الربو أسهل من الزفير. وكلما دخل هواء أكثر للرئتين يصبح محصورا داخل الرئتين مما يجعلها منتفخة بشدة. يواصل مرضى الربو محاولة دفع الهواء خارج الرئتين خلال الممرات الهوائية الضيقة ولكن دون فائدة، ويلزم تناول أدوية واتباع استراتيجيات أخرى لعكس عملية التضيق هذه مما يسمح للهواء بالمرور داخل وخارج الجسم بسهولة اكبر.
وبحسب المعهد الوطني للقلب والرئة والدم فقد تم تشخيص إصابة 20 مليون شخص بالربو، 9 ملايين منهم من الأطفال. تصاب جميع الأعمار بالربو إلا أنه يصيب عادة الأطفال. إن الربو شائع أكثر في الذكور من الأطفال لكن بعد سن البلوغ تصاب الإناث أكثر بهذا المرض.
أنواع الربـــو والفروقات بينهم
يؤثر الربو بأشكال مختلفة على الناس ويؤثر بدرجات مختلفة، هناك أربع درجات من شدة الإصابة تميز الأنواع المختلفة من الربو:
• حالات خفيفة ومتقطعة: تظهر الأعراض بحد أقصى لمدة يومين في الأسبوع وليلتين في الشهر.
• حالات خفيفة دائمة: تظهر الأعراض لأكثر من ليلتين في الشهر ولأكثر من يومين في الأسبوع ولكن ليس لأكثر من مرة في اليوم الواحد.
• حالات متوسطة دائمة: تظهر الأعراض كل يوم ولأكثر من ليلة في الأسبوع.
• حالات شديدة دائمة: تظهر الأعراض بشكل دائم خلال اليوم وبشكل متكرر في الليل.
عادة ما يحفز الربو التعرض للمواد المسببة للتحسس مثل الوبر، حبوب اللقاح، الغبار والفطريات، وهو ما يعرف بالربو التحسسي والذي يعاني منه حوالي نصف الأشخاص المصابون بالربو.
الربو التحسسي هو التهاب تحسسي يصيب الممرات الهوائية السفلية من الجهاز التنفسي وفي هذه الحالة يعاني الشخص من الربو والتحسس في الجهاز التنفسي (التهاب الأنف التحسسي بشكل خاص) معا.
يختلف الربو التحسسي (والمعروف أيضا بالتهاب القصبات التحسسي) عن التهاب القصبات غير التحسسي ويكون الأخير عادة مرتبطا بالرشح الشديد أو الإنفلونزا. إن حالات التهاب القصبات غير التحسسية سببها التهاب بكتيري أو فيروسي أو فطري. عادة ما تزول الحالة بعد العلاج بالأدوية أو بدون علاج بعد عدة أيام.
إن الربو التحسسي حالة خطيرة تحتاج إلى فحص عند الطبيب، سيقوم الطبيب بإجراء فحوصات لمعرفة ما هي المادة المسببة للحساسية، وبعدها البحث عن طرق لتجنب هذه المواد. قد يلزم تناول الأدوية لتخفيف الالتهاب ولفتح الممرات الهوائية وتخفيف الأعراض.
إلا أن هناك محفزات أخرى لأعراض الربو أو نوبة الربو. فمن أنواع الربو الأخرى التي تحفزها عوامل غير المواد المسببة للتحسس:
• الربو بسبب الرياضة: هو الربو الذي يحصل أثناء النشاط الرياضي الشديد، تظهر هذه الحالة عادة بعد عدة دقائق من ممارسة الرياضة. يصيب هذا النوع نسبة كبيرة من المرضى كما يمكن أن يحصل في الأشخاص الذين لا يعانون من أعراض ربو أخرى.
• الربو بسبب مضادات الالتهاب غير الستيرويدية: هي نوبة ربو شديدة تحصل بسبب تناول مضادات الالتهاب غير الستيرويدية. يجب على الأشخاص الذين يعانون من هذه الحالة أن يستشيروا الطبيب الذي يمكن أن يصف لهم دواء آخر لتسكين الألم.
• الربو الليلي: هي أعراض الربو التي تحدث بشكل رئيسي في الليل. تحدث هذه الأعراض عادة ما بين فترة منتصف الليل وحتى الثامنة صباحا، وتكون في شدتها القصوى حوالي الرابعة صباحا.
• الربو الذي يبدأ عند الكبار: هي حالات الربو التي تظهر لأول مرة عند البالغين فوق سن العشرين، وهي أكثر شيوعاً عند النساء منها عند الرجال.
علامات وأعراض الربــــو
يعتقد معظم الخبراء اليوم أن الربو يحدث عند الأشخاص خلال سنوات حياتهم الأولى، قد تظهر هذه الأعراض أحيانا خلال فترة الطفولة بينما لا تظهر في حالات أخرى إلا في مراحل الطفولة المتقدمة أو حتى مرحلة البلوغ. يعتبر الربو واحدا من أكثر الحالات التي تراجع قسم الطوارئ وتدخل للمستشفى.
إن أعراض الربو أو نوبة الربو الوشيكة عديدة، تشمل:
• سرعة التنفس.
• ألم أو ضيق في الصدر.
• سعال مزمن.
• صعوبة في التنفس.
• ارتفاع في درجة الحرارة.
• صداع.
• عطاس.
• الم أو حكة في الحلق.
• حكة أو تدميع في العين.
• سيلان الأنف.
• التململ أو عدم الراحة.
إن بعض الأعراض التي تظهر أنها تدل على الربو قد تخفي وجود حالات أخرى مختلفة مثل الانسداد الرئوي المزمن، الارتداد المعوي المريئي أو التهاب الجيوب الأنفية. إن الأشخاص الذين يعانون من هذه الأعراض يجب أن يراجعوا الطبيب المختص الذي سيقوم بالتشخيص الدقيق للحالة.
من المهم أيضا ملاحظة أن طبيعة وشدة الأعراض تختلف من شخص لآخر كما قد تختلف من نوبة إلى أخرى عند نفس الشخص، كما يختلف مقدار تكرار الأعراض من مريض إلى آخر، فبينما يعاني بعض المرضى من الأعراض كل بضعة شهور، فان البعض الآخر يعاني منها كل يوم. إلا أنه يمكن تقليل أعراض الربو عند جميع المرضى باستشارة الطبيب وتناول العلاج المناسب.
ومن الضروري أيضا ملاحظة أن أعراض الربو تختلف بين الرضع والأطفال.
طرق علاج الربــــو
عندما يتم تشخيص إصابة الشخص بالربو يقوم الطبيب بوضع خطة عمل لمساعدة المريض على مراقبة وضعه، وتشمل هذه الخطة العناصر التالية:
• قائمة بأعراض معينة تسبق حدوث نوبة الربو.
• الخطوات الواجب إتباعها خلال نوبة الربو.
• كيفية تمييز النوبة الشديدة وماذا يجب أن يفعل الشخص إزاءها.
• كيفية تمييز الحالة الطارئة.
• التغييرات في البيئة المحيطة والسلوك الذي يمكن أن يقلل من فرصة حدوث نوبة الربو.
تركز أدوية الربو على منع وتقليل عملية الالتهاب، كما تعمل على إرتخاء العضلات الملساء التي انقبضت خلال التشنج الشعبي. يقوم الأطباء بوصف علاجات الربو وفي ذهنهم هدفين:
1. المحافظة على خلو (صفاء) الممرات الهوائية حتى يستطيع المريض التنفس بشكل طبيعي.
2. منع الممرات الهوائية من إعادة البناء وهي عملية يصبح فيها جدار القصبات الهوائية أسمك وهذا نتيجة الالتهاب المزمن ويؤدي إلى ضرر دائم.
هناك صنفان من أدوية علاجات الربو:
• الأدوية سريعة المفعول: وتسمى أيضا أدوية الإنقاذ والتي تعمل بشكل فوري على تخفيف أعراض نوبة الربو، ولا تستخدم عادة لفترات طويلة.
• الأدوية طويلة المفعول: تعمل هذه الأدوية على التقليل من الالتهابات وتمنع نوبات الربو قبل حدوثها. ومن هذه الأدوية مساهمات مستقبلات البيتا 2 طويلة المفعول إضافة للستيرويدات الموضعية.
يمكن إعطاء المرضى الذين يعانون من حالات الربو الخفيفة المتقطعة أو الخفيفة الدائمة أدوية سريعة المفعول لمساعدتهم عند حدوث نوبات الربو. أما الأشخاص الذين يعانون من حالات الربو المتوسطة أو الشديدة فيحتاجون لتناول الأدوية سريعة المفعول وطويلة المفعول.
تعطى أدوية الربو على شكل أقراص، بخاخ أو رذاذ مما يسمح للدواء بالوصول مباشرة إلى القصبات الهوائية ويكون تأثيرها على باقي الجسم محدودا جدا.
وتعتبر الأدوية موسعة القصبات من الأدوية الرئيسية في علاج الربو، حيث تعمل هذه الأدوية على توسعة الممرات التنفسية عن طريق ارتخاء العضلات الملساء في القصبات الهوائية. تقوم موسعات القصبات قصيرة المفعول (مثل مساهمات مستقبلات البيتا 2) بالتخفيف من أعراض الربو بشكل فوري، أما موسعات القصبات طويلة المفعول (والتي تشمل مساهمات مستقبلات البيتا 2 طويلة المفعول) فتقوم بتخفيف الأعراض لفترات زمنية أطول وتستخدم مرة صباحا ومرة ليلا.
من الضروري عدم المبالغة في استخدام هذه العلاجات لأن ذلك يمكن أن يؤدي إلى سوء حالة الربو وقد يزيد من خطورة حدوث الوفاة بسبب الربو.
تقوم علاجات الربو الأخرى بمنع نوبة الربو قبل أن تبدأ وذلك لمنع التهاب القصبات الذي يعمل على تضييق الممرات الهوائية وعرقلة عملية التنفس. وتشمل هذه الأدوية:
• الستيرويدات: وهي عبارة عن أدوية شبيهة بهرمونات الجسم تعمل على منع الالتهاب المصاحب لنوبة الربو.
• معدلات الليكوترينات: وهي أدوية تمنع دور الليكوترينات وهي مادة كيميائية تفرز في نوبة الربو. يمكن تناولها يوميا أو عدة مرات في اليوم لمنع نوبة الربو من الحدوث.
الحياة مع الربــــو
من غير المعروف لماذا يصاب بعض الأشخاص بالربو دون غيرهم إلا أن منع حدوث الربو يعتبر مستحيلا. يمكن أن يقوم الشخص بالكثير للتخفيف من أعراض الربو، مثل:
• تقليل التعرض للمحفزات البيئية مثل حبوب اللقاح، الفطريات، التدخين السلبي ووبر الحيوانات.
• ممارسة الحياة الصحية التي تشمل الراحة الجيدة، الغذاء الجيد والرياضة المنتظمة.
• تناول جميع أدوية الربو بشكل صحيح حسب إرشادات الطبيب.
• مكافحة السمنة: لأسباب غير معروفة هناك علاقة بين السمنة وزيادة فرص حدوث الربو. عندما يفقد الأشخاص الذين يعانون من السمنة من وزنهم فإن أعراض الربو لديهم تخف في نفس الوقت.
إعداد: الجمعية الملكية للتوعية الصحية
أصل النص من [وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط]
الربو هو التهاب مزمن في القصبات الهوائية يصاب به ملايين الأشخاص حول العالم. يعاني الأشخاص المصابون بالربو من ضيق في النفس، ضيق في الصدر، سعال وصفير. تزداد هذه الأعراض شدة خلال نوبة الربو التي تحصل عند التعرض للمواد المسببة للتحسس أو أي محفزات والتي بدورها تزيد من الإلتهاب في الممرات الهوائية مما يؤدي إلى عدم القدرة على طرد الهواء المحصور في الرئتين إلى الخارج، تكون معظم نوبات الربو خفيفة الشدة، ولكن حتى الأشخاص الذين يعانون من الربو الخفيف الشدة قد يصابون بنوبة ربو قاتلة.
يتم تشخيص الربو بعمل عدد من الفحوصات التنفسية واستبعاد مشاكل الجهاز التنفسي الأخرى مثل الانسداد الرئوي المزمن والانتفاخ الرئوي. إن حوالي 70% من الناس المصابون بالربو مصابون في الوقت نفسه بالحساسية، وذلك بحسب الأكاديمية الأمريكية للحساسية والربو والمناعة، وكما هو الحال مع الحساسية فان الربو يمكن أن ينتقل من الآباء للأبناء، حيث تصبح إمكانية إصابة الشخص بالربو أعلى في حال كان أحد الأبوين مصابا بالربو.
لا يمكن الشفاء من الربو ولكن عند تشخيص المرض فهناك طرق كثيرة للعلاج، حيث أن علاجات الربو المختلفة تساعد في منع حدوث نوبات الربو أو تعالجها في حال حدوثها. كما يمكن أن يعدّل الأشخاص المصابون بالربو من بيئتهم المحيطة ونشاطاتهم اليومية بطريقة تقلل من احتمالية حدوث نوبة ربو.
يُلاحظ أن الأعراض عند بعض الأطفال المصابون بالربو تختفي عندما يتقدمون في العمر، ولكن الربو لا يشفى أبدا وقد تعود الأعراض للظهور لاحقا، كما يلاحظ أن الأعراض عند أطفال آخرين قد تسوء عندما يتقدمون في العمر.
إن الشخص المصاب بالربو يعاني من إلتهاب في القصبات حتى في حال عدم وجود أعراض، إن هذا الالتهاب يسبب تضيق في الممرات الهوائية ويزيد من درجة التحسس للمواد المسببة للحساسية، حيث أن التعرض لهذه المحفزات يسبب عادة أعراض مثل السعال، الصفير، وعدم القدرة على التنفس بشكل طبيعي (ضيق النفس).
يؤثر الربو عادة على القصبات (وهي الممرات الهوائية الواسعة التي تسمح للهواء بالمرور بين القصبة الهوائية والرئتين)، إن الغشاء المبطن للقصبات الهوائية والمسمى بالغشاء المخاطي يحتوي على عاملين مساهمين في الربو:
• الغدد المخاطية: هذه الغدد تنتج عادة الكمية المناسبة من المخاط لترطيب الممرات الهوائية، ولكن خلال نوبة الربو يفرز المخاط بكمية كبيرة تتجمع وتغلق الممرات الهوائية.
• الخلايا المسببة للالتهاب: هذه الخلايا (وتشمل الخلايا البدينة، الخلايا الليمفية والخلايا الحمضية وهي أحد أنواع خلايا الدم البيضاء) تحفز الالتهاب كرد فعل على مواد يستقبلها الجسم كمواد خطيرة وهي مواد مخرشة أو مسببة للحساسية. وهذا الالتهاب بدوره يزيد من تدفق الدم للمنطقة حاملا معه الخلايا المقاومة لهذه المواد. إن هذه أجهزة طبيعية موجودة لحماية أنسجة الجسم مثل الغشاء المخاطي المبطن للقصبات الهوائية، ولكن خلال نوبة الربو يبقى النسيج ملتهبا لفترات طويلة من الوقت.
خلال نوبة الربو يؤدي التعرض للمواد المسببة للتحسس أو أي محفز آخر (مثل الرياضة أو الهواء البارد) إلى رد فعل من الخلايا البدينة الموجودة في أنسجة القصبات الهوائية للشخص المصاب حيث تقوم بإنتاج الهيستامين واللوكوترينات ومواد كيميائية أخرى، تسبب هذه المواد الكيميائية سلسلة التفاعلات التالية:
• تنقبض العضلات الملساء الموجودة في القصبات الهوائية مما يؤدي إلى تضيق الممرات الهوائية.
• تصبح أنسجة الغشاء المبطن للممرات الهوائية (وهو في أغلب الأحيان ملتهب عند الأشخاص المصابين بالربو) أكثر التهابا مما يؤدي إلى مزيد من التضيق في القصبات الهوائية.
• تنتج الأنسجة الملتهبة مزيدا من المخاط الذي يملأ ويضيق القصبات الهوائية.
إن حدوث التضيق في العضلات الملساء، والالتهاب والإفرازات المخاطية كلها معا تؤدي إلى تضيق شديد في قطر الممرات الهوائية وهي عملية تعرف بالتضيق الشعبي. عندما يحصل هذا، يحبس الهواء في الرئتين مما يجبر الشخص المصاب على بذل مجهود كبير جدا لدفع الهواء داخل وخارج الرئتين. ولأن الممرات الهوائية تضيق خلال نوبة الربو، فقد يعاني الشخص أيضا من ضيق في الصدر، سعال، صفير، وضيق في النفس، وفي الحالات الشديدة عندما يصبح التنفس صعبا جدا وتصبح مستويات الأكسجين في الدم قليلة، يمكن أن تكون نوبة الربو قاتلة.
يمكن أن يكون انخفاض مستوى الأكسجين في الدم خطيرا أيضا خلال فترة الحمل، فحيث يعتمد الجنين في الحصول على الأكسجين من دم الأم، فان عدم السيطرة على الربو خلال فترة الحمل يؤدي إلى ولادة طفل بوزن قليل إضافة إلى مضاعفات أخرى.
إن الشخص الذي يعاني من نوبة الربو يظهر وكأنه يلهث للحصول على النفس، إلا أنه في الحقيقة يكون الشهيق خلال نوبة الربو أسهل من الزفير. وكلما دخل هواء أكثر للرئتين يصبح محصورا داخل الرئتين مما يجعلها منتفخة بشدة. يواصل مرضى الربو محاولة دفع الهواء خارج الرئتين خلال الممرات الهوائية الضيقة ولكن دون فائدة، ويلزم تناول أدوية واتباع استراتيجيات أخرى لعكس عملية التضيق هذه مما يسمح للهواء بالمرور داخل وخارج الجسم بسهولة اكبر.
وبحسب المعهد الوطني للقلب والرئة والدم فقد تم تشخيص إصابة 20 مليون شخص بالربو، 9 ملايين منهم من الأطفال. تصاب جميع الأعمار بالربو إلا أنه يصيب عادة الأطفال. إن الربو شائع أكثر في الذكور من الأطفال لكن بعد سن البلوغ تصاب الإناث أكثر بهذا المرض.
أنواع الربـــو والفروقات بينهم
يؤثر الربو بأشكال مختلفة على الناس ويؤثر بدرجات مختلفة، هناك أربع درجات من شدة الإصابة تميز الأنواع المختلفة من الربو:
• حالات خفيفة ومتقطعة: تظهر الأعراض بحد أقصى لمدة يومين في الأسبوع وليلتين في الشهر.
• حالات خفيفة دائمة: تظهر الأعراض لأكثر من ليلتين في الشهر ولأكثر من يومين في الأسبوع ولكن ليس لأكثر من مرة في اليوم الواحد.
• حالات متوسطة دائمة: تظهر الأعراض كل يوم ولأكثر من ليلة في الأسبوع.
• حالات شديدة دائمة: تظهر الأعراض بشكل دائم خلال اليوم وبشكل متكرر في الليل.
عادة ما يحفز الربو التعرض للمواد المسببة للتحسس مثل الوبر، حبوب اللقاح، الغبار والفطريات، وهو ما يعرف بالربو التحسسي والذي يعاني منه حوالي نصف الأشخاص المصابون بالربو.
الربو التحسسي هو التهاب تحسسي يصيب الممرات الهوائية السفلية من الجهاز التنفسي وفي هذه الحالة يعاني الشخص من الربو والتحسس في الجهاز التنفسي (التهاب الأنف التحسسي بشكل خاص) معا.
يختلف الربو التحسسي (والمعروف أيضا بالتهاب القصبات التحسسي) عن التهاب القصبات غير التحسسي ويكون الأخير عادة مرتبطا بالرشح الشديد أو الإنفلونزا. إن حالات التهاب القصبات غير التحسسية سببها التهاب بكتيري أو فيروسي أو فطري. عادة ما تزول الحالة بعد العلاج بالأدوية أو بدون علاج بعد عدة أيام.
إن الربو التحسسي حالة خطيرة تحتاج إلى فحص عند الطبيب، سيقوم الطبيب بإجراء فحوصات لمعرفة ما هي المادة المسببة للحساسية، وبعدها البحث عن طرق لتجنب هذه المواد. قد يلزم تناول الأدوية لتخفيف الالتهاب ولفتح الممرات الهوائية وتخفيف الأعراض.
إلا أن هناك محفزات أخرى لأعراض الربو أو نوبة الربو. فمن أنواع الربو الأخرى التي تحفزها عوامل غير المواد المسببة للتحسس:
• الربو بسبب الرياضة: هو الربو الذي يحصل أثناء النشاط الرياضي الشديد، تظهر هذه الحالة عادة بعد عدة دقائق من ممارسة الرياضة. يصيب هذا النوع نسبة كبيرة من المرضى كما يمكن أن يحصل في الأشخاص الذين لا يعانون من أعراض ربو أخرى.
• الربو بسبب مضادات الالتهاب غير الستيرويدية: هي نوبة ربو شديدة تحصل بسبب تناول مضادات الالتهاب غير الستيرويدية. يجب على الأشخاص الذين يعانون من هذه الحالة أن يستشيروا الطبيب الذي يمكن أن يصف لهم دواء آخر لتسكين الألم.
• الربو الليلي: هي أعراض الربو التي تحدث بشكل رئيسي في الليل. تحدث هذه الأعراض عادة ما بين فترة منتصف الليل وحتى الثامنة صباحا، وتكون في شدتها القصوى حوالي الرابعة صباحا.
• الربو الذي يبدأ عند الكبار: هي حالات الربو التي تظهر لأول مرة عند البالغين فوق سن العشرين، وهي أكثر شيوعاً عند النساء منها عند الرجال.
علامات وأعراض الربــــو
يعتقد معظم الخبراء اليوم أن الربو يحدث عند الأشخاص خلال سنوات حياتهم الأولى، قد تظهر هذه الأعراض أحيانا خلال فترة الطفولة بينما لا تظهر في حالات أخرى إلا في مراحل الطفولة المتقدمة أو حتى مرحلة البلوغ. يعتبر الربو واحدا من أكثر الحالات التي تراجع قسم الطوارئ وتدخل للمستشفى.
إن أعراض الربو أو نوبة الربو الوشيكة عديدة، تشمل:
• سرعة التنفس.
• ألم أو ضيق في الصدر.
• سعال مزمن.
• صعوبة في التنفس.
• ارتفاع في درجة الحرارة.
• صداع.
• عطاس.
• الم أو حكة في الحلق.
• حكة أو تدميع في العين.
• سيلان الأنف.
• التململ أو عدم الراحة.
إن بعض الأعراض التي تظهر أنها تدل على الربو قد تخفي وجود حالات أخرى مختلفة مثل الانسداد الرئوي المزمن، الارتداد المعوي المريئي أو التهاب الجيوب الأنفية. إن الأشخاص الذين يعانون من هذه الأعراض يجب أن يراجعوا الطبيب المختص الذي سيقوم بالتشخيص الدقيق للحالة.
من المهم أيضا ملاحظة أن طبيعة وشدة الأعراض تختلف من شخص لآخر كما قد تختلف من نوبة إلى أخرى عند نفس الشخص، كما يختلف مقدار تكرار الأعراض من مريض إلى آخر، فبينما يعاني بعض المرضى من الأعراض كل بضعة شهور، فان البعض الآخر يعاني منها كل يوم. إلا أنه يمكن تقليل أعراض الربو عند جميع المرضى باستشارة الطبيب وتناول العلاج المناسب.
ومن الضروري أيضا ملاحظة أن أعراض الربو تختلف بين الرضع والأطفال.
طرق علاج الربــــو
عندما يتم تشخيص إصابة الشخص بالربو يقوم الطبيب بوضع خطة عمل لمساعدة المريض على مراقبة وضعه، وتشمل هذه الخطة العناصر التالية:
• قائمة بأعراض معينة تسبق حدوث نوبة الربو.
• الخطوات الواجب إتباعها خلال نوبة الربو.
• كيفية تمييز النوبة الشديدة وماذا يجب أن يفعل الشخص إزاءها.
• كيفية تمييز الحالة الطارئة.
• التغييرات في البيئة المحيطة والسلوك الذي يمكن أن يقلل من فرصة حدوث نوبة الربو.
تركز أدوية الربو على منع وتقليل عملية الالتهاب، كما تعمل على إرتخاء العضلات الملساء التي انقبضت خلال التشنج الشعبي. يقوم الأطباء بوصف علاجات الربو وفي ذهنهم هدفين:
1. المحافظة على خلو (صفاء) الممرات الهوائية حتى يستطيع المريض التنفس بشكل طبيعي.
2. منع الممرات الهوائية من إعادة البناء وهي عملية يصبح فيها جدار القصبات الهوائية أسمك وهذا نتيجة الالتهاب المزمن ويؤدي إلى ضرر دائم.
هناك صنفان من أدوية علاجات الربو:
• الأدوية سريعة المفعول: وتسمى أيضا أدوية الإنقاذ والتي تعمل بشكل فوري على تخفيف أعراض نوبة الربو، ولا تستخدم عادة لفترات طويلة.
• الأدوية طويلة المفعول: تعمل هذه الأدوية على التقليل من الالتهابات وتمنع نوبات الربو قبل حدوثها. ومن هذه الأدوية مساهمات مستقبلات البيتا 2 طويلة المفعول إضافة للستيرويدات الموضعية.
يمكن إعطاء المرضى الذين يعانون من حالات الربو الخفيفة المتقطعة أو الخفيفة الدائمة أدوية سريعة المفعول لمساعدتهم عند حدوث نوبات الربو. أما الأشخاص الذين يعانون من حالات الربو المتوسطة أو الشديدة فيحتاجون لتناول الأدوية سريعة المفعول وطويلة المفعول.
تعطى أدوية الربو على شكل أقراص، بخاخ أو رذاذ مما يسمح للدواء بالوصول مباشرة إلى القصبات الهوائية ويكون تأثيرها على باقي الجسم محدودا جدا.
وتعتبر الأدوية موسعة القصبات من الأدوية الرئيسية في علاج الربو، حيث تعمل هذه الأدوية على توسعة الممرات التنفسية عن طريق ارتخاء العضلات الملساء في القصبات الهوائية. تقوم موسعات القصبات قصيرة المفعول (مثل مساهمات مستقبلات البيتا 2) بالتخفيف من أعراض الربو بشكل فوري، أما موسعات القصبات طويلة المفعول (والتي تشمل مساهمات مستقبلات البيتا 2 طويلة المفعول) فتقوم بتخفيف الأعراض لفترات زمنية أطول وتستخدم مرة صباحا ومرة ليلا.
من الضروري عدم المبالغة في استخدام هذه العلاجات لأن ذلك يمكن أن يؤدي إلى سوء حالة الربو وقد يزيد من خطورة حدوث الوفاة بسبب الربو.
تقوم علاجات الربو الأخرى بمنع نوبة الربو قبل أن تبدأ وذلك لمنع التهاب القصبات الذي يعمل على تضييق الممرات الهوائية وعرقلة عملية التنفس. وتشمل هذه الأدوية:
• الستيرويدات: وهي عبارة عن أدوية شبيهة بهرمونات الجسم تعمل على منع الالتهاب المصاحب لنوبة الربو.
• معدلات الليكوترينات: وهي أدوية تمنع دور الليكوترينات وهي مادة كيميائية تفرز في نوبة الربو. يمكن تناولها يوميا أو عدة مرات في اليوم لمنع نوبة الربو من الحدوث.
الحياة مع الربــــو
من غير المعروف لماذا يصاب بعض الأشخاص بالربو دون غيرهم إلا أن منع حدوث الربو يعتبر مستحيلا. يمكن أن يقوم الشخص بالكثير للتخفيف من أعراض الربو، مثل:
• تقليل التعرض للمحفزات البيئية مثل حبوب اللقاح، الفطريات، التدخين السلبي ووبر الحيوانات.
• ممارسة الحياة الصحية التي تشمل الراحة الجيدة، الغذاء الجيد والرياضة المنتظمة.
• تناول جميع أدوية الربو بشكل صحيح حسب إرشادات الطبيب.
• مكافحة السمنة: لأسباب غير معروفة هناك علاقة بين السمنة وزيادة فرص حدوث الربو. عندما يفقد الأشخاص الذين يعانون من السمنة من وزنهم فإن أعراض الربو لديهم تخف في نفس الوقت.
إعداد: الجمعية الملكية للتوعية الصحية
أصل النص من [وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط]